للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦- ما جاء في نهج البلاغة من وجوه اختلاف الخبر وأحاديث البدع:

سئل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه عما في أيدي الناس من أحاديث البدع واختلاف الخبر فقال١: "إن في أيدي الناس حقًّا وباطلًا وصدقًا وكذبًا، وناسخًا، وممسوخًا وعامًّا، وخاصًّا ومحكمًا، ومتشابها وحفظًا ووهمًا، ولقد كذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على عهده حتى قام خطيبًا فقال: "من كذب عليَّ متعمدًا، فليتبوا مقعده من النار" وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:

رجل منافق مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم ولا يتحرج، يكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدقوا قوله ولكنهم قالوا صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى وسمع منه، ولقف عنه فيأخذون بقوله وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك ثم بقوا بعده عليه وعلى آله السلام فتقربوا إلى الأئمة فولوهم الأعمال، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا وإلا من عصم الله فهو أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه ولم يعرف كذبا، فهو في يديه، ويرويه ويعمل به ويقول: "أنا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم" فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوا منه ولو علم أنه كذلك لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا يأمر به، ثم نهى عنه وهو لا يعلم؛ أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه

وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله مبغض للكذب خوفًا من الله وتعظيمًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يهم بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه فحفظ الناسخ فعمل به وحفظ المنسوخ فجنب عنه وعرف الخاص والعام،


١ نهج البلاغة: ص٢٣٣، بيروت، المطبعة الأديبة، ١٣٠٧هـ.

<<  <   >  >>