ما يشيد بدعته ويزينها ويحسنها ظاهرًا فلا يقبل، وإن لم تشتمل فتقبل، وطرد بعضهم هذا التفصيل بعينه في عكسه في حق الداعية فقال إن اشتملت روايته على ما يرد بدعته قبل وإلا فلا، وعلى هذا إذا اشتملت رواية المبتدع، سواء كان داعية أم لم يكن على ما لا تعلق له ببدعته أصلًا هل تقبل مطلقا أو ترد مطلقًا مال أبو الفتح القشيري إلى تفصيل آخر فيه فقال: إن وافقه غيره فلا يلتفت إليه هو إخمادًا لبدعته وإطفاء لناره، وإن لم يوافقه أحد، ولم يوجد ذلك الحديث إلا عنده مع ما وصفنا من صدقه وتحرزه عن الكذب واشتهاره بالدين، وعدم تعلق ذلك الحديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تحصيل ذلك الحديث، ونشر تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته والله أعلم.
"واعلم: أنه قد وقع من جماعة الطعن في جماعة بسبب اختلافهم في العقائد، فينبغي التنبيه لذلك وعدم الاعتداد به إلا بحق، وكذا عاب جماعة من الورعين جماعة دخلوا في أمر الدنيا فضعفوهم لذلك، ولا أثر لذلك التضعيف مع الصدق والضبط والله الموفق، وأبعد ذلك كله من الاعتبار تضعيف من ضعف بعض الرواة بأمر يكون الحمل فيه على غيره أو للتحامل بين الأقران، وأشد من ذلك تضعيف من ضعف من هو أوثق منه أو أعلى قدرًا أو أعرف بالحديث فكل هذا لا يعتبر به"١.
ثم سرد الحافظ أسماء من طُعِنَ فيه من رجال البخاري مع حكاية الطعن والتنقيب عن سببه، والقيام بجوابه والتنبيه على وجه رده فرحمه الله تعالى ورضي عنه وجزاه خيرا.