للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالطبقة الأولى: محصرة بالاستقراء في ثلاثة كتب: الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم، قال الشافعي: أصح الكتب بعد كتاب الله موطأ مالك، واتفق أهل الحديث على أن جميع ما فيه صحيح على رأي مالك ومن وافقه، وأما على رأي غيره فليس فيه مرسل، ولا منقطع إلا قد اتصل السند به من طرق أخرى فلا جرم أنها صحيحة من هذا الوجه.

"ولم يزل العلماء يخرجون أحاديثه، ويذكرون متابعاته وشواهدة، ويشرحون غريبة ويضبطون مشكله، ويبحثون عن فقهه، ويفتشون عن رجاله إلى غاية. ليس بعدها غاية وإن شئت الحق الصراح، فقس كتاب: "الموطأ" بكتاب: "الآثار" لمحمد و"الأمالي" لأبي يوسف، تجد بينه وبينهما بعد المشرقين فهل سمعت أحدًا من المحدثين والفقهاء تعرض لهما واعتنى بهما؟

"أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع غير سبيل المؤمنين، وإن شئت الحق الصراح فقسهما بكتاب ابن أبي شيبة، وكتاب الطحاوي، ومسند الخوارزمي وغيرهما تجد بينها وبينهما بعد المشرقين.

وهذه الكتب الثلاثة التي اعتنى القاضي عياض في المشارق بضبط مشكلها ورد تصحيفها.

الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين، ولكنها تتلوها، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ، والتبحر في فنون الحديث ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، وتلقاها من بعدهم بالقبول، واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة واشتهرت فيما بين الناس، وتعلق بها القوم شرحا لغريبها، وفحصًا عن رجالها، واستنباطًا لفقهها وعلى تلك الأحاديث بناء عامة العلوم كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي وهذه الطبقة الأولى اعتنى بأحاديثها

<<  <   >  >>