للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السنن بالحسان، بأنه اصطلاح لا يعرف عند أهل الفن؛ وذكر العراقي أنه قد تساهل من أطلق الصحيح على كتب السنن، كأبي طاهر السلفي حيث قال في الكتب الخمسة: اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب؛ وكالحاكم حيث أطلق على جامع الترمذي "الجامع الصحيح"، وكذلك الخطيب أطلق عليه اسم الصحيح، وذكر الذهبي في "أعلام سير النبلاء" أن أعلى ما في كتاب أبي داود من الثابت، ما أخرجه الشيخان وذلك نحو شطر الكتاب ثم يليه، ما أخرجه أحد الشيخين ورغب عنه الآخر ثم يليه ما رغبا عنه، وكان إسناده جيدًا سالمًا من علة وشذوذ ثم يليه ما كان إسناده صالحًا، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين لينين فصاعدًا ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يسكت عنه أبو داود غالبًا ثم يليه ما كان بين الضعف من جهة رواته فهذا لا يسكت عنه بل يوهنه غالبًا، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، وذكر أيضًا قال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق الجامع -أي جامع الترمذي- على أربعة أقسام قسم مقطوع بصحته، وقسم على شرط أبي داود والنسائي، وقسم أبان عن علته، وقسم رابع أبان عنه فقال ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثًا عمل به بعض الفقهاء سوى حديث: "فإن شرب في الرابعة فاقتلوه" ١ وحديث: "جمع بين الظهر والعصر بالمدينة من غير خوف ولا سفر"٢ وذكر أيضًا قد كان ابن ماجه حافظًا صدوقًا واسع العلم وإنما غض من رتبة سننه ما في الكتاب من المناكير، وقليل من الموضوعات.

وقال ابن الصلاح في مقدمته: "كتاب أبي عيسى الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن". وقال أيضًا: "ومن مظانه سنن أبي داود روينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وروينا عنه أيضًا ما معناه إنه يذكر في كل باب أصح ما يعرفه في ذلك الباب وقال: ما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد بينته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض. قلت: فعلى هذا ما وجدناه في كتابه مذكورًا


١ أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة وغيره.
٢ الشيخان وأصحاب السنن من حديث ابن عباس بألفاظ مختلفة.

<<  <   >  >>