وقد اقتفى أثر ابن الصلاح في كل ما ذكره، من جاء بعده إلا في تعذر التصحيح في الأعصار المتأخرة فخالفه فيه جمع ممن لحقه، فقال العراقي في شرح ألفيته:"لما تقدم أن البخاري ومسلمًا لم يستوعبا إخراج الصحيح، فكأنه قيل فمن أين يعرف الصحيح الزائد على ما فيهما؟ فقال: خذه إذ ينص صحته -أي حيث ينص على صحته- إمام معتمد كأبي داود والترمذي والنسائي والدارقطني والبيهقي والخطابي في مصنفاتهم المعتمدة كذا قيده ابن الصلاح ولم أقيده، بل إذا صح الطريق إليهم أنهم صححوه ولو في غير مصنفاتهم أو صححه من لم يشتهر له تصنيف من الأئمة كيحيى بن سعيد القطان وابن معين ونحوهما فالحكم كذلك على الصواب، وإنما قيده ابن الصلاح بالمصنفات لأنه ذهب إلى أنه ليس لأحد في هذه الأعصار أن يصحح الأحاديث فلذا لم يعتمد على صحة السند في غير تصنيف مشهور ويؤخذ الصحيح أيضًا من المصنفات المختصة بجمع الصحيح فقط كصحيح أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وصحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي المسمى بالتقاسيم والأنواع وكتاب المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم، وكذلك لم يوجد في المستخرجات على الصحيحين من زيادة، أو تتمة لمحذوف فهو محكوم بصحته". ا. هـ. ثم نقل بعد ذلك تعذر الحكم بالصحيح في هذه الأعصار عن ابن الصلاح. ا. هـ.
وقال ابن جماعة في مختصره بعد ما نقل عن ابن الصلاح التعذر:"قلت مع غلبة الظن إنه لو صح لما أهمله أئمة الأعصار المتقدمة؛ لشدة فحصهم واجتهادهم، فإن بلغ واحد في هذه الأعصار أهلية ذلك، والتمكن من معرفته احتمل استقلاله". ا. هـ.
وقال النووي في التقريب:"الأظهر عندي جوازه لمن تمكن وقويت معرفته". ا. هـ. وقال السيوطي: "قال العرافي: وهو الذي عليه عمل أهل الحديث فقد صحح جماعة من المتأخرين أحاديث، لم نجد لمن تقدمهم فيها تصحيحا؛ فمن المعاصرين لابن الصلاح أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن القطان صاحب كتاب الوهم والإيهام صحح فيه حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك