القيء أو الإسهال، حتى تذهب شحناء الجراية من صدور كثير من أهل العلم "أي من أهل جامع الأزهر" وعلى هذا القياس يقرأ لكل شيء، ما دامت العلاقة بين الشيء وسببه مفصومة فإن لم يستطيعوا عزو هذا الداء إلى نطاس الأطباء، سألت الملم منهم بالتاريخ أن يرشدنا إلى من سن هذه السنة في الإسلام، وهل قرئ البخاري لدفع الوباء قبل هذه المرة، فإنا نعلم أنه قرئ للعرابيين في واقعة التل الكبير "أي في مصر" فلم يلبثوا أن فشلوا، ومزقوا شر ممزق، ونعلم أنه يقرأ في البيوت لتأمن الحريق والسرقة، ولكن بأجر ليس شيئًا مذكورًا في جانب أجر شركة التأمين المعروفة مع أن الناس يتسابقون إليها تسابقهم إلى شراء الدواء إذا نزل الداء، ويعدلون عن الوقاية التي نحن بصددها، وهي تكاد تتكون بالمجان ويجدون في نفوسهم اطمئنانا لذلك دون هذه فإن لم يجد العلماء عن هذه المسألة إجابة شافية خشيت -كما يخشى العقلاء حملة الأقلام- عليهم حملة تسقط الثقة بهم، حتى من نفس العامة وحينئذ تقع الفوضى الدينية المتوقعة من ضعف الثقة، واتهام العلماء بالتقصير وكون أعمالهم حجة على الدين، هذا وقد لهج الناس بآراء على أثر الاجتماع الهيضي الأزهري، فمن قائل: إن العلماء المتأخرين من عادتهم أن يهربوا في مثل هذه النوازل من الأخذ بالأسباب، والاصطبار على تحملها لمشقتها الشديدة، ويلجئون إلى ما وراء الأسباب من خوارق العادات لسهولته ولإيهام العامة أنهم مرتبطون بعالم أرقى من هذا العالم المعروف النظام فيكسبون الراحة والاحترام معًا فيظهرون على الأمة ظهور إجلال، ويمتكلون قلوبهم ويسيطرون على أروحهم ولهذا تمكثوا حتى فترت شرة الوباء فقرءوا تميمتهم، ليوهموا أن الخطر إنما زال ببركة تميمتهم، وطالع يمنهم ومن قائل: إنهم يخدعون أنفسهم بمثل هذه الأعمال بدليل أن من يصاب منهم لا يعالج مرضه بقراءة كراسة من ذلك الكتاب، بل يعمد إلى المجربات من النعنع والخل وماء البصل وما شابه أو يلجأ إلى الطبيب لا تلتفت نفسه إلى الكراسة التي يعالج بها الأمة فهذا يدل على أن القوم يعملون على خلاف ما في وجدانهم لهذه الأمة خادعين أنفسهم بتسليم أعمل سلفهم، ومن قائل: إن عدوا من أعداء الدين الإسلامي أراد أن يشكك المسلمين فيه فدخل عليهم من جهة تعظيمه