للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحمه الله تعالى في كتاب: "العلو": "قال الإمام العلامة حافظ المغرب أبو عمر يوسف بن عبد البر الأندلسي في شرح الموطأ: أهل السنة يجمعون على الإقرار بالصفات الواردة في الكتاب والسنة وحملها على الحقيقة لا على المجاز إلا أنهم لم يكيفوا شيئًا من ذلك، وأما الجهمية والمعتزلة والخوارج فكلهم ينكرها، ولا يحمل منها شيئًا على الحقيقة، ويزعمون أن من أقر بها مشبه، وهم عند من أقر بها نافون للمعبود" قال الحافظ الذهبي صدق، والله فإن من تأول سائر الصفات، وحمل ما ورد منها على مجاز الكلام أداه ذلك السلب إلى تعطيل الرب، وأن يشابه المعدوم كما نقل عن حماد بن زيد أنه قال: "مثل الجهمية كقوم قالوا في دارنا نخلة قيل: ألها سعف؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة قلت: كذلك هؤلاء النفاة قالوا: إلهنا الله تعالى، وهو لا في زمان ولا مكان، ولا يرى ولا يسمع ولا يبصر ولا يتكلم، ولا يرضى ولا يريد، ولا ولا وقالوا سبحان المنزه عن الصفات بل نقول سبحان الله تعالى العظيم السميع البصير المريد الذي كلم موسى تكليمًا، واتخذ إبراهيم خليلًا، ويرى في الآخرة المتصف بما وصف نفسه ووصفه به رسله المنزه عن سمات المخلوقين، وعن جحد الجاحدين ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير".

ثم قال الذهبي: "وقال عالم العراق أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء البغدادي الحنبلي في كتاب: "إبطال التأويل" له: لا يجوز رد هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها وأنها صفات الله عز وجل لا تشبه بسائر صفات الموصوفين بها من الخلق قال: ويدل على إبطال التأويل أن الصحابة، ومن بعدهم حملوها على ظاهرها، ولم يتعرضوا لتأويلها ولا صرفها عن ظاهرها فلو كان التأويل سائغًا لكانوا إليه أسبق لما فيه من إزالة التشبيه يعني على زعمهم من قال إن ظاهرها تشبيه". قال الذهبي: قلت: المتأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولده ما علمت أحدًا سبقهم بها. قالوا: هذه

<<  <   >  >>