للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصلاة والزكاة والحج والصوم والوضوء إجمالًا، وكالعلم بحرمة الزنا والخمر واللواطة وقتل النفس ونحو ذلك مما علم من الدين بالضرورة، فذلك لا يتوقف فيه على اتباع مجتهد ومذهب معين، بل كل مسلم عليه اعتقاد ذلك، يجب عليه فمن كان في العصر الأول فلا يخفى وضوح ذلك في حقه، ومن كان في الأعصار المتأخرة فلوصول ذلك إلى عمله ضرورة من الإجماع والتواتر والآيات والسنن المستفيضة المصرحة بذلك في حق من وصلت إليه، وأما ما لا يتوصل إليه إلا بضرب من النظر والاستدلال فمن كان قادرًا عليه بتوفر آلته وجب عليه فعله كالأئمة المجتهدين، ومن لم يكن له قدرة عليه، وجب عليه اتباع من أرشده إلى ما كلف به من هو من أهل النظر والاحتهاد والعدالة، وسقط عن العاجز تكليفه في البحث، والنظر لعجزه لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ١ وقوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُون} ٢ وهي الأصل في اعتماد التقليد كما أشار إليه المحقق الكمال بن الهمام في التحرير". ا. هـ.

وقال الإمام ابن الجوزي في تلبيس إبليس: "اعلم أن المقلد على غير ثقة فيما قلد، وفي التقليد إبطال منفعة العقل لأنه خلق للتأمل والتدبر وقبيح بمن أعطى شمعة يستضيء بها أن يطفئها، ويمشي في الظلمة واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم التفحص عن أدلة إمامهم فيتبعون قوله وينبغي النظر إلى القول لا إلى القائل كما قال علي -رضي الله عنه- للحارث بن عبد الله الأعور بن الحوطي وقد قال له أتظن أن طلحة، والزبير كانا على الباطل فقال له: يا حارث إنه ملبوس عليك إن الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف أهله". ا. هـ.

وقال ابن القيم: "فإذا جاءت هذه - أي النفس المطمئنة - بتجريد المتابعة للرسول لجاءت تلك -أي الأمارة- بتحكيم آراء الرجال وأقوالهم فأتت بالشبهة المضلة بما يمنع من كمال المتابعة، وتقسم بالله ما مرادها إلا الإحسان والتوفيق والله يعلم أنها كاذبة، وما مرادها إلا التفلت من سجي المتابعة إلى قضاء إرادتها وحظوظها وتريه -أي وترى


١ سورة البقرة، الآية: ٢٨٦.
٢ سورة النحل، الآية: ٤٣.

<<  <   >  >>