مشتركا أو مجملا أو مترددًا بين حقيقة ومجاز، فيحمله على الأقرب عنده وإن كان المراد هو الآخر كما حمل جماعة من الصحابة في أول الأمر الخيط الأبيض والخيط الأسود على الحبل، وكما حمل آخرون قوله:{فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم} ١. على اليد إلى الإبط، وتارة لكون الدلالة من النص خفية، فإن جهات دلالات الأقوال متسعة جدًّا يتفاوت الناس في إدراكها وفهم وجوه الكلام بحسب منح الحق سبحانه ومواهبه، ثم قد يعرفها الرجل من حيث العموم ولا يتفطن لكون هذا المعنى داخلا في ذلك العام ثم قد يتفطن له تارة ثم ينساه بعد ذلك، وهذا باب واسع جدًّا لا يحيط به إلا الله، وقد يغلط الرجل فيفهم من الكلام ما لا تحتمله اللغة العربية التي بعث الرسول بها.
السبب السابع:
اعتقاده أن لا دلالة في الحديث، والفرق بين هذا وبين الذي قبله: أن الأول لم يعرف جهة الدلالة والثاني عرف جهة الدلالة، لكن اعتقد أنها ليست دلالة صحيحة بأن يكون له من الأصول ما يرد تلك الدلالة سواء كانت في نفس الأمر صوابًا أو خطأ مثل أن يعتقد أن العام المخصوص ليس بحجة وأن المفهوم ليس بحجة وأن العموم الوارد على سبب مقصور على سببه أو أن الأمر المجرد لا يقتضى الوجوب أو لا يقتضي الفور أو أن المعرف باللام لا عموم له، أو أن الأفعال المنفية لا تنفي ذواتها ولا جميع أحكامها، أو أن المتقضى لا عموم له فلا يدعى العموم في المضمرات والمعاني إلى غير ذلك مما يتسع القول فيه فإن شطر أصول الفقه تدخل مسائل الخلاف منه في هذا القسم، وإن كانت الأصول المجردة لم تحط بجميع الدلالات المختلف فيها، وتدخل فيه أفراد أجناس الدلالات هل هي من ذلك الجنس أم لا مثل أن يعتقد أن هذا اللفظ المعين مجمل بأن يكون مشتركًا دلالة تعين أحد معنييه أو غير ذلك.
السبب الثامن:
اعتقاده أن تلك الدلالة قد عارضها ما دل على أنها ليست مرادة مثل معارضة العام بخاص أو المطلق بمقيد أو الأمر المطلق بما ينفي الوجوب أو الحقيقة بما