للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صاحب الرأي في حادثة ممن ينازعه فيه اجتهادًا في بيان المصلحة، وهما من أهل بيت واحد أمر به بين تلك الصفوف التي كانت تختلف وجهتها في الطلب وغايتها واحدة، وهي العلم، وعقيدة كل واحد منهم أن: "فكر ساعة خير من عبادة ستين سنة"١ كما ورد في بعض الأحاديث.

ثم قال: الخلفاء أئمة في الدين مجتهدون، وبأيديهم القوة، وتحت أمرهم الجيش، والفقهاء والمحدثون والمتكلمون والأئمة المجتهدون الآخرون، هم قادة أهل الدين ومن جند الخلفاء الدين في قوته والعقيدة في أوج سلطانها، وسائر العلماء ممن ذكرنا بعدهم يتمتعون في أكنافهم بالخير والسعادة ورفه العيش وحرية الفكر، لا فرق في ذلك بين من كان من دينهم، ومن كان من دين آخر فهناك يشير القارئ المنصف إلى أولئك المسلمين، وأنصار ذلك الدين، ويقول ها هنا يطلق اسم التسامح مع العلم في حقيقته ها هنا يوصف الدين بالكرم، والحلم ها هنا يعرف كيف يتفق الدين مع المدينة عن هؤلاء العلماء الحكماء تؤخذ فنون الحرية في النظر، ومنهم تهبط روح المسألة بين العقل الوجدان أو بين العقل والقلب، كما يقولون يرى القارئ أنه لم يكن جلاد بين العلم والدين، وإنما كان بين الله أهل العلم بين أهل الدين شيء من التخالف في الآراء شأن الأحرار في الأفكار لا الذين أطلقوا من غل التقليد، وعوفوا من علة التقليد، ولم يكن يجري فيما بينهم اللمز والتنابر بالألقاب، فلا يقول أحد منهم لآخر إنه زنديق أو كافر أو مبتدع أو ما يشبه ذلك، ولا تتناول أحدًا منهم يدٌ بأذى إلا إذا خرج عن نظام الجماعة، وطلب الإجلال بأمن العامة فكان كالعضو المجذم فيقطع ليذهب ضرره عن البدن كله.

ثم قال بعد ذلك تحت عنوان: "ملازمة العلم للدين، وعدوى التعصب في المسلمين" ما صورته "متى ولع المسلمون بالتكفير والتفسيق، ورمى زيد بأنه زنديق؟ أشرنا فيما سبق إلى مبدأ هذا المرض، ونقول الآن: إن ذلك بدأ فيهم عندما بدأ الضعف في الدين يظهر بينهم وأكلت الفتن أهل البصيرة من أهله -تلك الفتن التي كان يثيرها أعداء الدين في الشرق، وفي الغرب لخفض سلطانه وتوهين أركانه- وتصدر للقول في الدين برأيه من لم تمتزج روحه


١ أخرجه أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة ورمز له السيوطي بالضعف.

<<  <   >  >>