للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه يجيء مسمى، ومحمد أدركه قالوا: "وإذا كانت نسخة مكتوبة من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان هذا أوكد لها وأدل على صحتها"، ولهذا كان في نسخة عمرو بن شعيب من الأحاديث الفقهية، التي فيها مقدرات ما احتاج إليه عامة علماء الإسلام.

والمقصود أن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا أطلق دخل فيه ذكر ما قاله بعد النبوة وذكر ما فعله فإن أفعاله التي أقر عليها حجة لا سيما إذا أمرنا أن نتبعها كقوله١: "صلوا كما رأيتموني أصلى" وقوله٢: "لتأخذوا عني مناسككم". وكذلك ما أحله الله له فهو حلال للأمة ما لم يقم دليل التخصيص؛ ولهذا قال: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} ٣ ولما أحل الله له الموهوبة قال: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} ٤ ولهذا كان النبي إذا سئل عن الفعل يذكر للسائل أنه يفعله ليبين للسائل أنه مباح وكان إذا قيل له قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال٥: "إني أخشاكم لله وأعلمكم بحدوده". ومما يدخل في مسمى حديثه ما كان يقرهم عليه، مثل إقراره على المضاربة التي كانوا يعتادونها٦، وإقراره لعائشة على اللعب بالبنات٧، وإقراره في الأعياد على مثل غناء الجاريتين٨، ومثل لعب الحبشة بالحراب في المسجد٩، ونحو ذلك وإقراره لهم على أكل الضب على مائدته١٠، وإن كان قد صح عنه أنه ليس


١ رواه أحمد والشيخان والنسائي من حديث مالك بن حويرث.
٢ رواه مسلم عن جابر.
٣ سورة الأحزاب، الآية: ٣٧.
٤ سورة الأحزاب، الآية: ٥.
٥ رواه البخاري من حديث عائشة بلفظ آخر.
٦ دفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى يهود خيبر نخلها وأرضها. على أن يعتملوها من أموالهم، وللنبي -صلى الله عليه وسلم- شطر تمرها وأخرجه الشيخان وأصحاب السنن من حديث ابن عمر.
٧ رواه البخاري ومسلم وأبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها.
٨ لم أجده.
٩ عن أنس -رضي الله عنه: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة لعبت الحبشة لقدومه فرحًا بذلك متفق عليه.
١٠ في "باب ما جاء في الضب" أحاديث، منها حديث ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن الضب فقال: "لا آكله ولا أحرمه" -متفق عليه- ومن حديث آخر: "لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه".

<<  <   >  >>