للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي كتاب: "قاموس الشريعة" للسعدي: "إذا رفع الصحابي خبرًا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإيجاب فعل وجب العمل به على من بلغه من المكلفين إلى أن يلقى خبرًا غيره ينسخ ذلك الخبر وحينئذ فعلى من عمل بالخبر الأول الرجوع إلى الثاني وترك العمل بالأول".

وفيه أيضًا: "كل مسألة لم يخل الصواب فيها من أحد القولين ففسد أحدهما لقيام الدليل على فساده صح أن الحق في الآخر قال الله تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} ١.

وقال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين٢: "كان الإمام أحمد إذا وجد النص أفتى بموجبه، ولم يلتفت إلى ما خالفه ولا من خالفه، كائنًا من كان ولذا لم يلتفت إلى خلاف عمر -رضي الله عنه- في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس٣ ولا إلى خلافه في التيمم للجنب لحديث عمار بن ياسر٤، ولا خلافة في استدامة المحرم الطيب الذي يطيب به قبل إحرامه لصحة حديث عائشة في ذلك٥ ولا خلافه في منع المنفرد والقارن من الفسخ إلى التمتع


١ سورة يونس، آية: ٣٢.
٢ ص٣٢ ج١ القاهرة مطبعة النيل ١٣٢٥.
٣ تجد حديثها في الصحيحين والسنن، وخلاصته: أن زوجها قد طلقها ثلاثا ولم يجعل لها الرسول -صلى الله عليه وسلم- سكنى ولا نفقة؛ وقد أنكر عليها عمر وعائشة هذا الحديث وقال عمر: "لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري لعلها حفظت أو نسيت"؛ فقالت فاطمة: "بيني وبينكم كتاب الله" قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} .. حتى قال {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١] فأي أمر يحدث بعد الثلاث؟ راجع: نيل الأوطار، ج٦، ص٢٢٨.
٤ يشير إلى ما أورده البخاري في صحيحه ومنه قول عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما: "أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت "أي تمرغت في التراب" فصليت فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "كان يكفيك هكذا" فضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسخ بهما وجه وكفيه". -أي الرسغين- وهذا مذهب أحمد فلا يجب عنده المسح إلى المرفقين، ولا الضربة الثانية إلى الكفين، راجع شرح القسطلاني للبخاري، ج١، ص٧٢.
٥ يشير إلى ما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث عائشة، قالت: "كنت أطيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لإحرامه حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت". واستدل به على استحباب التطيب عنده إرادة الإحرام، وجواز استدامته بعد الإحرام. راجعه فتح الباري، ج٣، ص٣١٥-٣١٦.

<<  <   >  >>