للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله:

(( … حتى رتب على ذلك بعضهم أن الذكر بالاسم المفرد وهو ((الله، الله)) أفضل من الذكر بالجملة المركبة كقوله ((سبحان الله))، و ((الحمد لله))، و ((لاإله إلا الله))، و ((الله أكبر)) وهذا فاسد مبني على فاسد. فإن الذكر بالاسم المفرد غير مشروع أصلا، ولا مفيد شيئا، ولا هو كلام أصلا، ولا يدل على مدح ولا تعظيم، ولا يتعلق به إيمان، ولا ثواب، ولا يدخل به الذاكر في عقد الإسلام جملة، فلو قال الكافر الله الله من أول عمره إلى آخره لم يصر بذلك مسلما فضلا عن أن يكون من جملة الذكر أو يكون أفضل الأذكار. وبالغ بعضهم في ذلك حتى قال: الذكر بالاسم المضمر أفضل من الذكر بالاسم الظاهر فالذكر بقوله هو هو أفضل من الذكر بقوله الله الله وكل هذا من أنواع الهوس والخيالات الباطلة المفضية بأهلها إلى أنواع من الضلالات فهذا فساد هذا البناء الهائر، وأما الفساد المبني عليه فإنهم ظنوا أن قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُ} أي قل هذا الاسم، فقل: الله الله. وهذا من عدم فهم القوم لكتاب الله، فإن اسم الله هنا جواب لقوله: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} [الأنعام: ٩١] إلى أن قال {قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: ٩١] أي قل: الله أنزله، فإن السؤال معاد في الجواب فيتضمنه فيحذف اختصارا كما يقول: من خلق السموات والأرض؟ فيقال: الله، أي الله خلقهما، فيحذف الفعل لدلالة السؤال عليه، فهذا معنى الآية الذي لا يحتمل غيره (١).


(١) طريق الهجرتين (٣٣٨ - ٣٣٩).

<<  <   >  >>