من هذا الكلام - وقف مكانه حتى سمعت ما قال، ثم أتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله أنك قلت لنا: ((لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا)) وأني مررت بفلان وفلان وهما يقولان كذا وكذا، قال: ف احمر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشق عليه - أي ذلك الكلام - ثم قال:((دعنا منك - يعني الكلام الذي قلته يا ابن مسعود هذا نتركه- فقد أوذي موسى أكثر من ذلك ثم صبر)).
وعنه - يعني عن ابن مسعود - من طريق ثان قال: تكلم رجل من الأنصار كلمة فيها موجدة ع لى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ يعني فيها أمر خطير ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمر لم يقبله ابن مسعود، ولا يليق أن يقال على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ابن مسعود: فلم تقرني نفسي؛ لم أقبل هذا الكلام فلم تقرني نفسي أن أخبرت بها النبي -صلى الله عليه وسلم- فلوددت أني افتديت منها بكل أهل ومال فقال:((قد آذوا موسى -عليه الصلاة والسلام- أكثر من ذلك فصبر)) ثم أخبر -عليه الصلاة والسلام- ((أن نبيًّا كذبه قومه وشجوه -يعني فتحوا رأسه- حين جاءهم بأمر الله فقال: وهو يمسح الدم عن وجهه اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)).
ثم جاء بعد ذلك باب: الترهيب من الكذب، وقد قلت سابقًا: إن من أدب الحديث البعد عن الغيبة، والنميمة، والتحلي بالصدق، والتحذير من الكذب؛ فهذا الباب جاء في التحذير من الكذب؛ عن عبد الله أي ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما ي زال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله - عز وجل - كذاب ً ا)).
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الكذب، ول قد كان الرجل يكذب عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الكذبة فما ي زال في نفسه -صلى الله عليه وسلم- عليه حتى يعلم أن قد أحدث منها توبة - يعني تاب عن هذا الكذب.