للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك هو موجز القصة عن اشتراك المفضل في ثورة إبراهيم، وليس ثمة ما يجعلنا نتشكك فيها وإن جاءت من بعض الطرق بصيغة التمريض ((ويقال إن المفضل بن محمد خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن)) (١) ، وقد تعارض القصة بعفو المنصور عنه، فيقال: كيف يعفو عنه وقد كان له دور هام في الأشهر القليلة من عمر تلك الثورة؟ والجواب على ذلك أن المنصور لم يحاول أن يستقصي بعد إذ قضى على رأسي الثورة، إذ كان يعلم أن الاستقصاء سينال كثيراً من ((المثقفين)) في عصره، ولهذا اكتفى بالنصر الحربي، وشمل كثيرين بالعفو، ومنهم المفضل، الذي لم ينل عفواً وحسب بل أصبح - بعد هدأة النفوس - مؤدباً للمهدي، ومنذ هذه اللحظة تم تحول في حياته، فانتقل إلى بغداد، مع كثيرين غيره من علماء الكوفة والبصرة، وكانت هذه المرحلة البغدادية أخصب فترة من العطاء في حياته، وفيها تقرر اتجاهه نحو الشعر والأخبار، وفيها - فيما أقدر - كثر من حوله طلاب العلم والآخذون عنه مثل: الفراء والكسائي والمدائني وأحمد بن مالك القشيري وأبي كامل الجحدري ومحمد بن عمر القصبي (٢) وأبي عمرو الشيباني وعمر بن شبة.

وتستوقفنا هنا رواية تقول: ((قدم بغداد في أيام الرشيد)) (٣) ، وهي تتعارض مع تعيينه مؤدباً للمهدي منذ أيام المنصور، ولهذا التعارض يمكن أن نحملها على الوهم أو الخطأ، إلا أن تعني أنه غادر بغداد مدة بعد وفاة الهادي ثم قدمها من جديد أيام الرشيد.

ومهما يكن من شيء فقد عاصر المفضل خلافة المنصور والمهدي والهادي


(١) انباه الرواة ٣: ٣٠٢.
(٢) في أسماء تلامذته انظر: ميزان الاعتدال ٤: ١٧٠ ولسان الميزان ٦: ٨١ وتاريخ بغداد ١٣: ١٢١ وأنساب السمعاني ٨: ٣٨٥ وانباه الرواة ٣: ٢٩٨ - ٢٩٩ وغاية النهاية ٢: ٢٠٧، ووفيات الأعيان ١: ٢٠٢، ٣: ٤٤٠.
(٣) تاريخ بغداد: ١٣: ١٢١ وأنساب السمعاني ٨: ٣٨٥ وانباه الرواة ٣: ٢٩٨ والبلغة: ٢٦٢.

<<  <   >  >>