للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراك تعجب به)) ولكن الرشيد أعاده إلى الضبي وقال: خذه، وخذ الدنانير فما كنا نهب شيئاً فنرجع فيه (١) .

ويبدو بعض أسئلة الرشيد له نوعاً من الأحاجي، فقد استدعاه يوم خميس بكراً، فلما عليه وجد الأمين عن يمينه والمأمون عن يساره والكسائي بين يديه باركاً يطارحهما معاني القرآن، وبعد أن سلم أمره بالجلوس وقال له: كم اسم في ((سيكفيكهم الله)) فقال: ثلاثة، اسم الله تبارك وتعالى، واسم النبي صلى الله عليه وسلم، واسم الكفرة، فالياء والكاف والفاء والكاف المتصلات بالسين لله عز وجل والكاف المتصلة بالهاء للنبي والهاء والميم للكفرة، فوافق ما قاله قول الكسائي أيضاً (٢) .

وامتد به هذا المجلس نفسه فسأله عن معنى قول الفرزدق:

نقل هاماً لم تنله سيوفنا ... بأسيافنا هام الملوك القماقم ثم عن معنى قول الفرزدق أيضاً:

أخذنا بآفاق السماء عليكم ... لنا قمراها والنجوم الطوالع فكان من توجيه المفضل لمعنى القمرين أنهما حقاً الشمس والقمر كما قال الكسائي، ولكن الشمس ترمز إلى إبراهيم الخليل والقمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأما النجوم الطوالع فهي أمير المؤمنين وآباؤه من الخفاء المهديين، فسر الرشيد وأجازه بعشرة آلاف درهم، ثم وضع له مريساً وللكسائي كرسياً، وأخذا يستمعان معه إلى الشعراء الذين دخلوا عليه في ذلك اليوم ومنهم العماني الراجز ومنصور النمري وغيرهما (٣) .


(١) تاريخ بغداد: ١٣: ١٢٢ وأنساب السمعاني ٨: ٢٣٥ وانباه الرواة ٣: ٢٩٨ والنجوم الزاهرة ٢: ٦٩ والبلغة: ٢٦٢.
(٢) نور القبس: ٢٧٢ ومجالس العلماء: ٣٥ والبصائر ٧٢: ٥٠ وغاية النهاية ٢: ٣٠٧ والمزهر ٢: ١٨٩.
(٣) تفصيل هذا في مجالس العلماء: ٣٧ - ٤١ وانظر المزهر ٢: ١٩٠.

<<  <   >  >>