للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويستدعيه الرشيد ذات يوم أيضاً رجاء الحصول لديه على شيء من ((الرياضة الذهنية)) ويسأله أن يلقي عليه بيتاً يحتاج إلى مقارعة الفكر في استخراج خبيئه، فيقول له المفضل: ((أتعرف بيتاً أوله أعرابي في شملته، هاب من نومته، كأنما صدر عن ركب جرى في أجفانهم الوسن فركد، يستفزهم بعنجهية البدو وتعجرف الشدو، وآخره مدني رقيق قد غذي بماء العقيق؟)) فقال الرشيد: لا أعرفه، فقال المفضل: هو بيت جميل:

ألا أيها الركب النيام ألا هبوا ... (ثم أدركته رقة المشوق فقال)

أسائلكم هل يقتل الرجل الحب. ... واتخذ الرشيد عندئذ دور السائل في هذه المباراة، وقال المفضل: هل تعرف أنت الآن بيتاً أوله أكثم بن صيفي في أصالة الرأي ونبل العظة، وآخره ابقراط في معرفته بالداء والدواء؟ فقال المفضل: قد هولت عليّ، فليت شعري بأي مهر تفترع عروس هذا الخدر؟ قال: بإصغائك وإنصافك، وهو قول الحسن ابن هانئ:

دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء (١) فإذا قبلنا بالروايات التي تصور علاقته بكل من الهادي والرشيد، صح لدينا أن تاريخ وفاته ب؟ ((١٦٨)) (٢) خطأ واضح، لأن الهادي نفسه بويع سنة ١٦٩ وتولى الرشيد الخلافة في السنة التالية. وأقرب إلى الصواب قول من قال إنه توفي سنة ١٧١هـ؟ (٣) . وجاء في الطبري: ((ذكر الضبي أن شيخاً من النوفليين قال: دخلنا


(١) الشعر والشعراء ١٩ - ٢٠.
(٢) ميزان الاعتدال ٤: ١٧١ ولسان الميزان ٦: ٨١ وغاية النهاية ٢: ٣٠٧ (ولم تؤرخ وفاته معظم المصادر الأخرى، وفي الفهرست ترك موضع الوفاة بياضاً) .
(٣) النجوم الزاهرة ٢: ٦٩ ولا أدري من أين نقل ذلك.

<<  <   >  >>