للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قتل سويداً والد الحارث المذكور في بعض حروب الأوس والخزرج. ولحق الحارث بنم سويد بمكة، فأقام هنالك، ثم إنه حينه الله تبارك وتعالى (١) ، فانصرف إلى قومه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء، فنهض عليه السلا إلى قباء في وقت لم يكن يأتيهم فيه، فخرج إليه الأنصار أهل قباء، في جملتهم الحارث بن سويد عليه ثوب مورس (٢) ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عويم بن ساعدة بأن يضرب عنق الحارث بن سويد. فقال الحارث: فيم يا رسول الله فقال: في قتلك المجذر بن ذياد يوم أحد غيلة. فما راجعه الحارث بكلمة. وضرب عويم عنقه، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجلس. وقد روى أنه قال: يا رسول الله، والله ما قتلته شكاً في ديني، ولكني لما رأيته لم أملك نفسي، إذ ذكرت أنه قاتل أبي. ثم مد عنقه وقتل.

وكان عمرو بن ثابت بن وقش، من بني عبد الأشهل، يعرف بالأصيرم يأبى الإسلام. فلما كان يوم أحد، قذف الله تعالى في قلبه الإسلام للذي أراد به من السعادة، فأسلم، وأخذ سيفه ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. فقاتل، فأثبت بالجراح، ولم يعلم أحد بأمره؛ فلما انجلت الحرب طاف بنو عبد الأشهل في القتلى يلتمسون قتلاهم، فوجدوه وبه رمق يسير، فقال بعضهم لبعض: والله إن هذا الأصيرم. فأجابه: لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر. ثم سألوه: يا عمرو، ما الذي أتى بك أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام فقال: بل رغبة في الإسلام، آمن بالله ورسوله، ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما ترون. فمات من


(١) حينه الله: أهلكه، من الحين (بفتح الحاء) : وهو الهلاك.
(٢) المورس: المصبوغ بالورس، وهو نبت أصفر.

<<  <   >  >>