صداقتي لكم، وبلغني أمر لزمني أن أعرفكموه، فاكتموا عني. قالوا: وما هو قال: اعلموا أن اليهود قد ندموا على ما فسخوا من عهد محمد، وقد أرسلوا إليه أن يأخذوا منكم رهناً يدفعونه إلى محمد، ويرجعون معه عليكم. فشكرته قريش على ذلك. ثم نهض حتى أتى غطفن فقال لهم مثل ما قال لقريش. فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة أربع أرسل أبو سفيان وغطفان إلى بني قريظة: إنا لسنا بدار مقام، فاغدوا للقتال. فأرسل اليهود إليهم: إن اليوم يوم سبت، ومع ذلك لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً. فردوا إليهم الرسول: والله لا نعطيكم فاخرجوا معنا. فقال بنو قريظة: صدق والله نعيم، فلما رجع الرسل إليهم بذلك قالوا: صدقنا والله نعيم. فأبوا من القتال معهم، وأرسل الله تعالى عليهم ريحاً عظيمة كفأت قدورهم وآنيتهم.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم حذيفة بن اليمان عيناً، فأتاه بخبر رحيلهم، ورحلت قريش وغطفان.
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ذهب الأحزاب، رجع عن الخندق إلى المدينة، ووضع المسلمون سلاحهم، فأتاه جبريل عن الله تعالى بالنهوض إلى بني قريظة (١) ، وذلك بعد صلاة الظهر من ذلك اليوم. ورأى قوم من المسلمين يومئذ جبريل عليه السلام في صورة دحية الكلبي على بغلة عليها قطيفة ديباج، ثم مر عليهم دحية بعد ذلك.
(١) راجع خبر غزوة بني قريظة في: الواقدي: ٣٧١، وابن هشام ٣: ٢٤٤، وابن سعد ٢ / ١: ٥٣، والطبري ٣: ٥٢، وأنساب الأشراف ١: ١٦٧ن وابن سيد الناس ٢: ٦٨، وابن كثير ٤: ١١٦، وزاد المعاد ٢: ١٨٧، والإمتاع: ٢٤١، والمواهب ١: ١٤٩، وتاريخ الخميس ١: ٤٩٢، والبخاري ٥: ١١١.