دخل عليّ الأعمى على يوسف بن كل خير، وقد تغدّى، فقال:«يا جارية هاتي لأبي الحسن غداء» . قال:«لم يبق عندنا شيء» . قال:
«هاتي، ويلك، ما كان، فليس من أبي الحسن حشمة «١» » . ولم يشك عليّ أنّه سيؤتى برغيف ملطخ، وبرقاقة ملطخة، وبسكر وبقية مرق، وبعرق وبفضلة شواء، وببقايا ما يفضل في الجامات «٢» والسكرجات «٣» . فجاءت بطبق ليس عليه إلا رغيف أرز قاحل «٤» ، لا شيء معه غيره. فلما وضعوا الخوان بين يديه، فأجال «٥» يده فيه، وهو أعمى، فلم يقع إلا على ذلك الرغيف. وقد علم أن قوله:«ليس منه حشمة» لا يكون إلا مع القليل. قلم يظن أن الأمر بلغ ذلك، فلمّا لم يجد غيره، قال:«ويلكم ولا كل هذا بمرّة. رفعتم الحشمة كلّها.
والكلام لم يقع إلا على هذا» ؟
الغزّال:
حدثني محمد بن حسان الأسود، قال: أخبرني زكريّا القطان قال:
كان للغزّال قطعة أرض قدّام حانوتي. فأكرى «٦» نصفها من سمّاك، يسقط عنه ما استطاع من مؤونة الكراء.