فأما أسد بن جاني، فكان يجعل سريره في الشتاء من قصب مقشّر، لأن البراغيث تنزلق عن ليط القصب «١» ، لفرط لينه وملاسته «٢» .
وكان إذا دخل الصيف، وحرّ عليه بيته، أثاره حتى يغرق المسحاة «٣» ، ثم عليه جرارا كثيرة من ماء البئر ويتوطؤه حتى يستوي. فلا يزال ذلك البيت باردا ما دام نديّا «٤» . فإذا امتدّ به الندى ودام برده بدوامه، اكتفى بذلك التبريد صيفته. وإن جف قبل انقضاء الصيف وعاد عليه الحر، عاد عليه بالإثارة والصب «٥» . وكان يقول: خيشتي أرض، وما خيشتي «٦» من بئري. وبيتي أبرد، ومؤونتي أخف. وأنا أفضلهم أيضا بفضل الحكمة وجودة الآلة.
وكان طبيبا فأكسد «٧» مرة؛ فقال له قائل:«السنة وبئة والأمراض فاشية، وأنت عالم ولك صبر وخدمة، ولك بيان ومعرفة، فمن أين تؤتى في هذا الكساد» ؟ قال: «أما واحدة فإني عندهم مسلم؛ وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبّب، لا بل قبل أن أخلق، إن المسملين لا يفلحون في الطب. واسمي أسد، وكان ينبغي أن يكون اسمي صليبا وجبرائيل ويوحنّا وبيرا؛ وكنيتي أبو الحارث، وكان ينبغي أن تكون أبو عيسى، وأبو زكريا، وأبو إبراهيم؛ وعليّ رداء قطن أبيض، وكان ينبغي أن يكون