وإن وجدتم في هذا الكتاب لحنا أو كلاما غير معرب، ولفظا معدولا عن جهته فاعملوا أنّا إنما تركنا ذلك لأن الإعراب يبغّض هذا الباب، ويخرجه من حدّه إلا أن ما حكي كلاما من كلام متعاقلي البخلاء، وأشحّاء العلماء، كسهل بن هارون، وأشباهه.
[أحمد بن خلف اليزيدي:]
ومن طيّاب البخلاء أحمد بن خلف اليزيدي «١» . ترك أبوه في منزله، يوم مات، ألف ألف درهم، وستمائة ألف درهم، ومائة وأربعين ألف دينار. فاقتسمها هو وأخوه حاتم قبل دفنه، فأخذ أحمد وحده ألف ألف وثلاثمائة ألف درهم، وسبعين ألف دينار، ذهبا عينا مثاقيل «٢» وازنة جيادا، سوى العروض «٣» .
فقلت له، وقد ورث هذا المال كله: ما بطّأ بك الليلة؟ قال: لا والله إلا أنّي تعشيت، البارحة، في البيت. فقلت لأصحابنا: لولا أنه بعيد العهد بالأكل في بيته، وإن ذلك لغريب منه، لما احتاج إلى هذا الإستثناء، وإلى هذه الشريطة. وأين يتعشى الناس إلا في منازلهم؟ وإنما يقول الرجل عند مثل هذه المسألة: لا والله إلا أن فلانا حبسني، لا والله إلا أن فلانا عزم عليّ. فأما ما يستثنى ويشترط، فهذا ما لا يكون إلا على ما ذكرناه، من قبل.
وقال لي مبتدئا مرة، عن غير مشورة وعن غير سبب جرى:
أنظر أن تتخذ لعيالك في الشتاء من هذه المثلثّة «٤» ، فإنها عظيمة