أن له في ذلك عرقا متقدما «١» . قال أبو زيد: هو لئيم ملأم، فاللئيم ما فسّرت، والملأم الذي يقوم بعذر اللئيم «٢» . فأما اللئيم الراضع، فالذي لا يحلب في الإناء، ويرضع من الخلف «٣» ، مخافة أن يضيع من اللبن شيء. قال ثوب ابن شحمة العنبري في امرأته الهمدانية:
وحديث مالجة «٤» التي حدّثتني ... تدع الإناء تشرّبا للقادم
(القادمان الخلفان المقدمان) ؛ فلما بلغه ذلك عنها طلّقها، فلما طلّقها قيل له: إن البخيل إنما يعيب الرجل، ومتى سمعت بإمرأة هجيت في البخل؟ قال:
ليس ذلك بي «٥» . أخاف أن تلد لي مثلها.
قال رافع بن هريم «٦» :
...... تحلب قاعدا ... وتملج أحيانا وقعبك حاضر
يدعو الله عليه أن يجعله صاحب شاء، ولا يجعله صاحب إبل، وأن يرتضع من الخلف، وإن كان معه إناء. والعربيّ ربما أتلى «٧» على صاحبه فيقول: «إن كنت كاذبا فاحتلبت قاعدا» . أي أبدلك الله بكرم الإبل لؤم الغنم.
فكيف نتعجّب من لؤم الرّاضع، وقد صنع أبو سعيد المدائني أعظم من ذلك: اصطبغ من دنّ خلّ، وهو قائم حتى فني ولم يخرج منه قليلا ولا كثيرا.