وكان رجل يغشى طعام الجوهريّ، وكان يتحرّى وقته ولا يخطيء.
فإذا دخل، والقوم يأكلون وحين وضع الخوان، قال:«لعن الله القدرية «١» ، من كان يستطيع أن يصرفني عن أكل هذا الطعام، وقد كان في اللوح المحفوظ إني سآكله» ؟ فلما أكثر من ذلك، قال له رياح:
«تعال بالعشيّ أو بالغداة فإن وجدت شيئا فالعن القدريّة والعن آباءهم وأمهاتهم»«٢» .
وجاء غلام إلى خالد بن صفوان «٣» بطبق خوخ؛ إمّا أن يكون هدية، وإما أن غلامه جاء به من البستان؛ فلما وضعه بين يديه قال:
«لولا أني أعلم أنك أكلت منه لأطعمتك واحدة» .
وقال رمضان: كنت مع شيخ أهوازي في جعفرية «٤» ، وكنت في الذّنب وكان في الصدر. فلما جاء وقت الغداء، أخرج من سلة له دجاجة وفرخا واحدا مبرّدا، وأقبل بأكل ويتحدث ولا يعرّض عليّ.
وليس في السفينة غيري وغيره. فرآني أنظر اليه مرة، وإلى ما بين يديه مرة.
فتوهم أني أشتهيه واستبطئه، فقال لي:«لم تحدّق النظر؟ من كان عنده أكل مثلي، ومن لم يكن عنده نظر مثلك» . قال: ثم نظر إليّ وأنا أنظر إليه، فقال: «يا هناه أنا رجل حسن الأكل، لا آكل إلا طيّب الطعام