في تحفظّك قول سهل بن هارون في «الاستعداد في حال المهلة، وفي الأخذ بالثقة، وإن أقبح التفريط ما جاء مع طول المدة «١» ، وإن الحزم كل الحزم والصواب كل الصواب، أن يستظهر على الحدثان «٢» ، وأن يجعل ما فضل عن قوام الأبدان ردءا دون صروف الزمان، فانّا لا ننسب الى الحكمة حتى نحوط أصل النعمة، بأن نجعل دون فضولها جنّة. «٣» » ،
شاهد على عجبك بمذهبه، وبرهان على ميلك إلى سبيله.
وفي استحسانك رواية الأصمعي في أن أكثر أهل النار النساء والفقراء، وأن أكثر أهل الجنّة البله والأغنياء، وأن أرباب الدثور «٤» هم الذين ذهبوا بالأجور «٥» ، برهان على صحّة حكمنا عليك، ودليل على صواب رأينا فيك.
وفي تفضيلك كلام ابن غزوان حين قال:«تنعمّتم بالطعام الطيّب وبالثياب الفاخرة وبالشراب الرقيق وبالغناء المطرب، وتنعمنا بعزّ الثروة وبصواب النظر في العاقبة، وبكثرة المال والأمن من سوء الحال، ومن ذلّ الرغبة إلى الرجال «٦» والعجز عن مصلحة العيال، فتلك لذّتكم، وهذه لذتنا. وهذا رأينا في التسّلم من الذم، وذاك رأيكم في التعرّض للحمد.
وإنما ينتفع بالحمد السليم الفارغ البال، ويسرّ باللذات الصحيح الصادق الحسّ. فأما الفقير فما أغناه عن الحمد، وأفقره إلى ما به يجد طعم