أخوهم ما دارت الكأس بينهم ... وكلهم رث الوصال سؤوم «٢»
فهذا بياني لم أقل بجهالة ... ولكنني بالفاسقين عليم
وقد كان هذا المعنى في أصحاب النبيذ أوجد، فأما اليوم فقد استوى الناس. قال الأضبط بن قريع «٣» ، لّما انتقل في القبائل، فأساؤوا جواره، بعد أن تأذّى ببني سعد:«بكل واد بنو سعد» .
خذ بقولي، ودع قول أبي العاص. وخذ بقول من قال:«عشّ ولا تغترّ» ، ويقول من قال:«لا تطلب أثرا بعد عين» ، ويقول من قال:«املأ حبّك من أول مطرة» و «دع ما يريبك الى ما لا يريبك» . أخوك من صدقك ومن أتاك من جهة عقلك، ولم يأتك من جهة شهوتك. وأخوك من احتمل ثقل نصيحتك في حظك، ولم تأمن لائمته إياك في غدك. وقال الآخر:
إن أخاك الصدق من لم يخدعك ... ومن يضير نفسه لينفعك «٤»
وقد قال عبيد بن الأبرص:«٥»
وأعلمن علما يقينا أنه ... ليس يرجى لك من ليس معك
ولا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وعين من عقلك على طباعك «٦» ، أو ما كان لك أخ نصيح ووزير شفيق، والزوجة الصالحة عون صدق. والسعيد من وعظ بغيره. فإن أنت لم ترزق من هذه الخصال خصلة واحدة، فلا بدّ لك من نكبة موجعة يبقى أثرها، ويلوح لك ذكرها، ولذلك