ستجده مباركا. إنما كان ينبغي أن أكون أجده أنا، لا أنت.
وقال خاقان بن صبيح «١» : «دخلت على رجل من أهل خراسان ليلا، وإذا هو قد أتانا بمسرجة «٢» ، فيها فتيلة في غاية الدقّة، وإذا هو قد ألقى في دهن المسرجة شيئا من ملح «٣» ، وقد علّق على عمود المنارة عودا بخيط، وقد حزّ فيه حتى صار فيه مكان للرّباط. فكان المصباح، إذا كاد ينطفىء أشخص «٤» رأس الفتيلة بذلك» . قال:«فقلت له: ما بال العود مربوطا» ؟ قال:«هذا عود قد تشرّب الدهن، فإن ضاع ولم يحفظ احتجنا إلى واحد عطشان، فإذا كان هذا دأبنا «٥» ودأبه، ضاع من دهننا في الشهر بقدر كفاية ليلة» . قال:«فبينا أنا أتعجبّ في نفسي، وأسأل الله جلّ وذكره العافية والستر، إذ دخل شيخ من أهل مرو، فنظر الى العود فقال: «يا أبا فلان فررت من شيء ووقعت في شيء. أما تعلم أن الريح والشمس تأخذوان من سائر الأشياء؟ أو ليس قد كان البارحة عند إطفاء السراج أروى «٦» ، وهو عند إسراجك الليلة أعطش «٧» ؟ قد كنت أنا جاهلا مثلك حتى وفّقني الله إلى ما هو أرشد! اربط، عافاك الله، بدل العود إبرة أو مسلة صغيرة. وعلى أن العود والخلال «٨» والقصبة ربما تعلّقت بها الشعرة من قطن الفتيلة إذا سوّيناها بها فيشخص لها. وربما كان ذلك سببا لا نطفاء السراج. والحديد أملس، وهو مع ذلك غير نشاف» . قال خاقان: «ففي تلك الليلة عرفت فضل اهل خراسان