مالك وديعة عند غيرك، وصار غيرك الحافظ عليك. وإنك يوم تطمع أن تضيع مالك، ويحفظه غيرك، لجشع الطمع، مخذول الأمل. احتال الآباء في حبس الأموال على أولادهم بالوقف، فاحتالت القضاة على أولادهم بالإستبحاث «١» ما أسرعهم الى إطلاق الحجر، وإلى إيناس الرّشد، إذا أرداوا الشراء منهم. وأبطأهم عنهم، إذا أرداوا أن تكون أموالهم جائزة لصنائعهم.
يا ابن الخبيثة، إنك وإن كنت فوق أبناء هذا الزمان، فإن الكفاية قد مسختك، ومعرفتك بكثرة ما أخلف قد أفسدتك؛ وزاد في ذلك أن كنت بكرى، وعجزة أمّك «٢» .
أنا لو ذهب مالي لجلست قاصّا، أو طفت في الآفاق، كما كنت، مكدّيا. اللحية وافرة بيضاء، والحلق جهيز طل، والسمت «٣» حسن، والقبول عليّ واقع. إن سألت عيني الدمع أجابت، والقليل من رحمة الناس خير من المال الكثير، وصرت محتالا بالنهار، واستعملت صناعة الليل. أو خرجت قاطع طريق، أو صرت للقوم عينا ولهم مجهرا «٤» . سل عني صعاليك الجبل «٥» وزواقيل «٦» الشام وزطّ الآجام «٧» ، ورؤوس الأكراد، ومردة الأعراب، وفتّاك نهربطّ «٨» ، ولصوص القفص «٩» ، وسل