أصحابنا» فتغافل أبو الفتح، ثم أعاد عليه القول: فتغافل، فلما أعاد عيه القول: فتغافل، فلما أعاد عليه القول، الرابعة، قال: مالك، ويلك، لا تقطّعه بينهم؟ قطع الله أوصالك! قال: تبتلى على يدي غيري، أصلحك الله فخجّلناه مرّة، وضحكنا مرة، وما ضحك صاحبنا ولا خجل.
وزرته أنا والمكي، وكنت أنا على حمار مكاريّ، والمكّي على حمار مستعار. فصار الحمار إلى أسوأ من حال الزّور»
. فكلّم المكي غلمانه فقال: لا أريد منكم التبن فما فوقه، اسقوه ماء فقط. فسقوه ماء بئر، فلم يشربه الحمار، وقد مات عطشا. فأقبل المكّي عليه، فقال:
أصلحك الله! إنهم يسقون حماري ماء بئر؛ ومنزل صاحب الحمار على شارع دجلة؛ فهو لا يعرف إلا العذب. قال: فامزجوه له يا غلام.
فمزجوه، فلم يشربه. فأعاد المسألة، فأمكنه من أذن من لا يسمع إلا ما يشتهي.
وقال لي مرة: يا أخي، إنّ أناسا من الناس يغمسون اللقمة الى أصبارها «٢» في المري، فأقول هؤلاء قوم يحبّون الملوحة، ولا يعجبون بالحامض. فما ألبث أن أرى أحدهم يأخذ حرف الجردقة «٣» ، فيغمسها في الخل الحاذق، ويغرقها فيه وربما رأيت أحدهم يمسكها في الخل، بعد التغريق، ساعة، فأقول: هؤلاء قوم يجمعون حبّ الحموضة الى حب الملوحة. ثم لا ألبث أن أراهم يصنعون مثل ذلك بالخردل.
والخردل لا يرام: قل لي أي شيء طبائع هؤلاء؟ وأي ضرب هم؟ وما دواؤهم؟ وأي شيء علاجهم؟