بيننا وبينهم أن يجلسوا على حائط فيقرأ عليهم القرآن من أوّله إلى آخره، فإن صعقوا فهم كما قالوا. قيل لعائشة رضي الله عنها: إنّ قوما إذا سمعوا القرآن صعقوا. فقالت: القرآن أكرم من أن ينزف من عقول الرجال، ولكنه كما قال الله تعالى: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ
«١» . قال ابن السّماك للمتصوّفة: إن كان لباسكم هذا موافقا لسرائركم فقد أحببتم أن يطّلع الناس على سرائركم، وإن كان مخالفا فقد هلكتم. عمر رضي الله عنه: من أظهر للناس خشوعا فوق ما في قلبه فإنما أظهر نفاقا على نفاق.
الحسن: إن قوما جعلوا تواضعهم في ثيابهم، وكبرهم في صدورهم، حتى لصاحب المدرعة «٢» بمدرعته أشدّ فرحا من صاحب المطرقة بمطرقته. قيل لبعضهم: بع جبّتك، فقال: إذا باع الصياد شبكته فبأيّ شيء يصيد؟. دخل محمد بن كعب على سليمان بن عبد الملك، فقال: ما هذه الثياب الرّثة؟
فقال: أكره أن أقول لزهد، فأطري نفسي، أو أقول لفقر فأشكو ربّي. أبو الحسين الثوريّ: التصوّف كان حالا فصار قالا «٣» ، ثم ذهب الحال والقال وبقي الاحتيال. قيل: بالصوفية يضرب المثل في الأكل فيقال: آكل من الصوفية، لأنهم يعتادون بكثرة الأكل وعظم اللقمة وجودة القضم، ويأكلون أكل الغنيمة.
سئل بعض العلماء عن التصوّف فقال: أكلة ورقصة. وقيل فيهم: