للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجل مرائيا في حياته وبعد موته، فقيل: كيف ذلك؟ قال: يحبّ أن تكثر الناس على جنازته. يقال: المرائي يغتال العقول، بما يفعل ويقول الحريريّ:

أنا في النهار خطيب، وفي الليل أطيب.

كم من فتى تحسبه ناسكا ... يستقبل الليل بأمر عجيب

غطّى عليه الليل أستاره ... فبات في لهو وعيش خصيب

ولذة الأحمق مكشوفة ... يسعى بها كلّ عدوّ رقيب

أبو نواس:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت ولكن قل عليّ رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة ... ولا أنّ ما يخفى عليه يغيب

لما سمع هذا أحمد بن حنبل بكى وردّد «١» . قيل: الرياء شراب يخدع الفطن القاصرة، ولا يخفى على البصائر الباصرة.

يقال: قلوب الحكماء تستنشق الأسرار من لمحات الأبصار، وطالما دلّت أوائل المبصرات على أواخر المنتظرات. من الأدلّة على مكاشفة الله القلوب لبعض الغيوب، أنّ الإنسان قد يتوقع الشيء من مكروه أو محبوب ثم يقع ما يتوقع، وأنّ الإنسان قد يرى إنسانا فيحبه أو يبغضه لغير إحسان أو جناية ثم يقع الإحسان أو الجناية. سقراط: اتقوا من تبغضه قلوبكم. بعض العلماء: لعنة الله على كل من له لسانان ووجهان. حذيفة: لا يدخل الجنة قتّات «٢» . أنس، رفعه: «من مشى بالنميمة بين العباد قطع الله له نعلين من نار يغلي منهما دماغه» . قيل: من نمّ لك نمّ عليك.

<<  <   >  >>