للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو تنتش منه شيئا، وإنما يحسن التبسط مع الصديق والعشير، فأمّا الملوك فيرتفعون عن هذه الطبقة، ومن حقّ الملك أن لا يحدّث على طعامه لا بجدّ ولا بهزل، وإن حدّث فمن حقه أن يصغى لحديثه والبصر خاشع ولا يعارض. دعا ملك رجلا إلى مائدته، فقال: أنا سوقيّ لا أحسن مؤاكلة الملوك، فقال: لتكن أظفارك مقلومة، وطرف كمّك نظيفا، وصغّر اللقمة، ولا تدسم الملح والخلّ «١» ، وكل مع من شئت. كانت ملوك آل ساسان إذا قدّمت موائدهم زمزموا ولم ينطق ناطق بحرف حتى ترفع، فإن اضطّروا إلى كلام أشاروا إشارة.

وضع معاوية بين يدي الحسن بن عليّ رضي الله عنهم دجاجة ففكها فقال له:

هل بينك وبين أمّها عداوة؟ فقال الحسن: هل بينك وبين أمّها قرابة؟. أكل عذريّ مع معاوية فرأى ثريدة كثيرة السمن فحزّها بين يديه فقال: أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها

«٢» فقال: فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ

«٣» . رأى محمق زنجيّا يأكل خبز حوّارى فقال: يا قوم انظروا إلى الليل كيف يأكل النهار. كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: اللهمّ ارزقنا ضرسا طحونا، ومعدة هضوما، ودبرا نثورا «٤» . قيل:

إذا قلّ خبز البيت ضاق بأهله ... وإن كان بيتا واسع الطول والعرض

ويتّسع البيت الصغير لأهله ... إذا كان فيه الخبز بعضا على بعض

وقيل:

خلق الله للحروب رجالا ... وخلقنا لقصعة وثريد

<<  <   >  >>