للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تصدق معه رويّة. الثوريّ: لم يفقه عندنا من لم يعدّ البلاء نعمة والرخاء مصيبة. مرّ موسى عليه السّلام برجل كان يعرفه مطيعا لله وقد مزّقت السباع لحمه وأضلاعه، وكبده ملقاة، فوقف متعجّبا فقال: أي ربّ عبدك ابتليته بما أرى، فأوحى إليه أنه سألني درجة لم يبلغها بعمله، فأحببت أن أبتليه لأبلغه تلك الدرجة. عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أحبّ الله عبدا ابتلاه وإذا أحبّه الحبّ البالغ اقتناه، قالوا: وما اقتناؤه؟ قال: لا يترك له مالا ولا ولدا» .

حذيفة رضي الله عنه: إنّ أقرّ يوم «١» لعيني ليوم لا أجد فيه طعاما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالخير، وإن الله يحمي «٢» عبده المؤمن من الدنيا كما يحمي أحدكم المريض من الطعام» . وهب بن منبّه: البلاء للمؤمن كالشكال «٣» للدابّة. جابر بن عبد الله رفعه: «يودّ أهل العافية يوم القيامة أنّ لحومهم كانت تقرض بالمقاريض لما يرون من ثواب الله لأهل البلاء» . الشيخ الشاطبيّ: كان يعتلّ العلّة الشديدة فلا يشتكي ولا يتأوّه، وإذا سئل عن حاله قال: العافية، ولا يزيد على ذلك. قيل:

لله درّ النائبات فإنها ... صدأ اللئام وصيقل الأحرار

الجاحظ: جهد البلاء أن تظهر الخلّة وتطول المدّة وتعجز الحيلة ثم لا تعرف إلّا أخا صارما وابن عمّ شامتا وجارا كاشرا ووليّا قد تحوّل عدوّا وزوجة مختلقة وجارية متعبة وعبدا يحقرك وولدا ينهرك. العرب: ويل أهون من ويلين. يقال:

خرط القتاد دونه «٤» . لمّا اتخذ الله إبراهيم عليه السّلام خليلا ألقى في قلبه الوجل

<<  <   >  >>