الله أحبّ من حسن خلقه. قيل لأعرابيّ: أتعرف الجمال؟ قال: إي لعمري، فقالوا: وما هو؟ فقال: عظم الأنف وسعة الشّدق وضخامة القدمين والكعبين.
الأصمعيّ: رأيت بدويّة من أحسن الناس وجها ولها زوج قبيح، فقلت:
يا هذه أترضين أن تكوني تحت هذا؟ فقالت: يا هذا لعلّه أحسن فيما بينه وبين الله تعالى فجعلني ثوابه، وأسأت فيما بيني وبين ربي فجعله عقوبتي، أفلا أرضى بما رضي الله تعالى. ذهب جماعة من المتموّلين إلى الأعمش وهو قائم في بابه، فلما رآهم مقبلين عليه دخل إلى بيته وخرج مسرعا في تلك الساعة، فسئل عن سبب ذلك فقال: رأيتكم قبحاء المنظر ثقلاء الصحبة فدخلت إلى امرأتي فلما رأيتها رضيت بكم، فإن فوق المحنة محنة.
قال حكيم لشابّ قبيح الوجه حسن الأدب: قد أخفت محاسن أدبك قبائح وجهك. قال رجل لمنصور بن الحلاج «١» : إن كنت صادقا فيما تدّعيه فامسخني قردا، فقال: لو هممت لذلك لكان نصف العمل مفروغا منه. قيل: أقبح من القبيحة في عين ضرّتها، كما يقال في الحسن: أحسن من الحسناء في عين أمّها. قيل: أقبح من زوال النعمى وفوت المنى وطلعة الردى. قيل: أسمج من واو عمرو. قيل للحظوة: إلى أين تذهبين؟ فقالت: أقارن القباح. الجاحظ:
ما أخجلني إلا امرأة حملتني إلى صائغ وقالت له: مثل هذا. فبقيت مبهوتا فسألت الصائغ عن سببه فقال: هي امرأة استعملتني في صورة شيطان فقلت: لا أدري كيف أصوّره، فأتت بك وقالت: مثل هذا. وقرع عليه قوم الباب، فخرج غلامه فسألوه: ما يصنع؟ فقال: هو ذا يكذب على الله. فقيل: كيف؟
قال: نظر في المرآة فقال: الحمد لله الذي خلقني فأحسن صورتي. وقيل فيه:
لو يمسخ الخنزير مسخا ثانيا ... ما كان إلّا دون قبح الجاحظ