للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهلك إلى الملك: أن يتأمّر على عقل الملك الشهوات واللذات، وتحاسد الوزراء المقتضي لتخالف الآراء، ونكول الجنود عن الجلاد، وترك المناصحة في الجهاد.

وهم صنفان: صنف وسّع عليهم الملك فأبطرهم الإتراف، وضنّوا بنفوسهم عن التعرّض للإتلاف، وصنف قدّر عليهم الأرزاق، فكتموا الأحقاد ولزموا النفاق.

قيل: خير الملوك من تمكّن في قلوب رعيّته محبّته، كما تقرّر هيبته بخمسة: إكرام شريفها، ورحمة ضعيفها، وإغاثة لهيفها «١» ، وكفّ عدوان عاديها، وتأمين سبل رائحها وغاديها، فمن عدم شيئا منها فقد أحقد الرعية بقدر فقدها. يقال: العاقل لا يكون تحت سلطنة ملك اجتمع فيه خصلتان: الانهماك في اللذات، وإضاعة الفرص. يقال: تميّز الملوك عن الرعية بتميّز اللذات، لا بفضيلة الآلات، وهي خمسة: رحمة تشمل الرعية، ويقظة تحفظهم، وصولة تذبّ عنهم «٢» ولبابة يكيد بها الأعداء، وحزامة «٣» ينتهز بها الفرص. يقال:

الحزم التزام مؤاخاة العدوّ، ما دامت له ريح هابّة ودولة مقبلة، والعجز إضاعة الفرصة فيه، إذا ركدت ريحه وأدبرت دولته.

يقال: الملك كالسّوق، يجلب إليها ما يروج فيها، فإذا خلا بأهل الجدّ نبّهوه بالنصائح على اعتماد المصالح، والإعداد للخطوب في المهل الفسائح «٤» فأتعبوه، وإذا خلا بأهل الهزل اعتمدوه بالفكاهات وحسّنوا له انتهاز فرص الشهوات فأطربوه، فحمله ذلك على أن يجهم «٥» أهل الجدّ فاجتنبوه،

<<  <   >  >>