بها غير ما وضعت له.
وفي هذا يقول العلامة ابن فارس رحمه الله تعالى في كتابه الصاحبي
ص ٧٨ - ٨٦ باب الأسباب الإسلامية ثم ساق ما نصه:
(كانت العربُ في جاهليتها على إرْثٍ من إرْث آبائهم في لُغاتهم
وآدابهم ونسائِكهم وقَرَابينهم. فلما جاءَ الله جلّ ثناؤه بالإسلام حالت أحْوَالٌ،
ونُسِخَت دِيانات، وأُبطلت أمورٌ، ونُقِلت من اللغة ألفاظ عن مواضعَ إلى
مواضع أخر بزيادات زِيدَت، وشرائع شُرِعت، وشرائط شُرِطت. فعَفّى
الآخرُ الأوّلَ، وشُغل القوم - بعد المُغَاوَرَات والتِّجارات وتَطَّلُّب الأرباح
والكَدْحِ للمعاش في رحلة الشِّتاء والصَّيف، وبعد الإغْرَام بالصَّيد
والمُيَاسَرة - بتلاوة الكتاب العزيز الذي {لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ
خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} وبالتَّفقّه في دين الله عز وجل، وحفظ سنن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مع اجتهادهم في مُجَاهَدَةِ أعداء الإسلام.
فصار الذي نَشأَ عليه آباؤهم ونَشَؤُوا [هم] عليه كأن لم يكن، وحتى
تكلَّموا في دقائق الفقه، وغوامض أبواب المواريث، وغيرها من علم
الشريعة وتأويل الوحي بما دُوِّن وحُفِظ حتى الآن.
فصاروا - بعد ما ذكرناه - إلى أن يُسئل إمامٌ من الأئمة وهو يخطب
على منبره عن فريضة فَيُفْتي وَيحْسُبُ بثلاث كلمات. وذلك قول أمير
المؤمنين عليٍّ صلوات الله عليه حين سُئل عن ابنتين وأبوين وامرأة (صار
ثُمْنُها تُسْعاً) فسميت (المِنْبريَّة) .
والى أن يقول هو صلوات الله عليه على منبره والمهاجرون والأنصار
متوافرون: " سلوني فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم