المبحث السادس عشر
في تقسيم التشريع إلى أصول وفروع
انتشر في كلام أهل العلم أن أحكام الشريعة منقسمة إلى أصول
وفروع، ويقصدون بالأصول: ما يتعلق بالتوحيد وأمور الاعتقاد. وبالفروع:
فقه أحكام أفعال العبيد، وشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى كشف
لنا في فتاويه ٢٣ / ٣٤٦ - ٣٤٧ منشأ هذا التقسيم، وأنه من تَفَعُّلِ المعتزلة،
ويقرر رحمه الله تعالى: أن الاعتقاد لموجب النصوص وما تمليه الشريعة
في مساق واحد من حيث لزوم الاعتقاد، وداعي الامتثال، وأن التقسيم
منقوض بعدم الحد الفاصل.
وقد أنحى المقبلي في العلم الشامخ ص / ٥٢٩ على من قال: الخلاف
في الفروع سهل، وما جرى مجرى ذلك مما تجده منتشراً اليوم، بل
تحول إلى مقولة هزيلة بحيث أوردوا قولهم (هذا قشور وذاك لباب) ويعنون
بالقشور: المسائل الفقهية الدائرة في محيط الاستحباب أو الكراهة، ونحو
ذلك من أمور التحسينات والحاجيات.
ونجد ابن القيم رحمه الله تعالى في " الأعلام " ٤ / يسوق العتاب على
لسان السلف رحمهم الله تعالى، لسلف هؤلاء الذين إذا سُئل الواحد منهم
عن حكم فقهي قال: هذا سهل، يقصد به تخفيف شأنه والله تعالى يقول:
{إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} .
وللإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا مبحث مطول مهم لم تر