للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

إجماع المسلمين على موجب هذه النصوص

موجب هذه الأحاديث أن التكليف يتبع العلم، وقد علقه الشارع بأمر

محسوس يستوي فيه عموم البشر، ونهى الأمة عن الصوم إلا بأحد هذين

الطريقين فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تصوموا حتى تروا الهلال ... " الحديث. وهذا من

باب عموم النفي لا من باب نفي العموم، أي: لا يصوم أحد، حتى يرى،

أو حتى يعلم أنه رؤي أو ثبت شرعاً أنه رؤي. فإذا انتفت الرؤية البصرية

انتفى العلم بالإهلال، وإذا انتفى العلم به بحاسة البصر، فقد جعل الشرع

المصير إلى تعليق الحكم بمناط يستوي فيه عموم البشر وهو إكمال شعبان

مثلاً ثلاثين يوماً. ولا يعلم في شيء من النصوص تعليق المناط بغير هذين

وهذا والله أعلم - لأن ما سواهما إما فاسد أو مظنون، أو فيه من التكلف

والحرج والعناء، وصرف الحياة إلى ما لا نفع من ورائه بما لا تأتي بمثله

الشريعة المطهرة.

وهذا التقرير هو ما عرفه المسلمون في شتى عصورهم، وما زالت

عباداتهم قائمة وأمورهم راشدة. ولا يعرف في هذا خلاف بين الصحابة

رضي الله عنهم، بل حكى شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفاقهم. وحكاه

المهدي في البحر. ومذاهب الأئمة الأربعة متفقة على ذلك. قال مالك

رحمه الله تعالى: إن من يصوم بالحساب لا يقتدى به. وقال ابن عرفة:

<<  <  ج: ص:  >  >>