للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثامن

في حكم بيع الآدمي لدم أو عضو منه

إذا علمت أن الأصل هو الحظر على الغير استعمال جزء من الإنسان

أو دمه، حفظاً للنوع الإنساني، وصيانة لقيمته وكرامته، وسداً للطرق

الموصلة إلى إهدارها. وإذا كان انتزاع دم من حي، أو عضو من ميت عند

من قال به جائزاً عند الاضطرار، والضرورة المقدرة خوف هلاك حي أو

عضو فيه تتوقف عليه حياته - مقدرة بقدرها لا يجوز تجاوزها، وهذا القدر

المضطر إليه لا يعد إخلالاً بآدمية المنزوع منه، فاعلم أن الأصل لذلك

البذل أيضاً يكون بطريق التبرع والهبة لمنفعة حي بسد ضرورته، لوجوب

تلاحم النوع الإنساني على جسر من التعاون والإخاء، وشد بعضهم ببعض

استيفاء لنوعهم، ورعاية لحرمتهم وحرمة مصالحهم.

لكن يبقى هنا تساؤل عن حكم المعاوضة المالية عليها، وهل

المعاوضة تتنافى مع هذا القصد والتأسيس الإنساني؟ وأن هذا استرقاق

جزئي لآدميته في دم أو عضو، وامتهان لحرمته ليعود كالسلعة والبهيمة محلاً

للتجارة في دم أو عضو أو تشريح لكامل جسده، ويزاد - على الخلاف

المتقدم - أن الدم نجس، وما قطع من حي فهو كميتته نجس، والنجس

لا يجوز بيعه، وأنه وإن جوز الانتفاع به تبرعاً لمضطر فلا يجوز بيعه

لقاعدة: إن جواز الانتفاع لا يستلزم جواز البيع، وعليه: فبيعها محرم لا

<<  <  ج: ص:  >  >>