للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا أخذت تنمو وتتطور بتطور الأزمان والأفكار، ومهما حصل من

التضاد الصوري في إبرازها اصطلاحاً فإن الحقيقة هي كما أنزل الله تعالى

وبين رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصنعة الكلمات لا تخرج في صورتها عن لغة العرب

وسننها في كلامها.

فكانت خدمة جليلة من علماء الإسلام للإسلام، شكر الله سعيهم،

وأعظم مثوبتهم وأجرهم.

وقد صاحبت هذه اللغة (لغة العلم) التدوين تنمو بنموه وتتسع دائرتها

بانتشاره، وقد بدأت التعاريف الاصطلاحية في القرن الثالث فما بعده،

وذلك حسبما يظهر في كل باب من أبواب الفقه، وفي كل مبحث من

مباحث أصوله وهكذا في سائر العلوم الشرعية.

ومما تقدم يعلم أن لغة الشريعة لم تتكون دفعة واحدة، بل مرت بأدوار

متعددة، وأن نشأتها مصاحبة للتنزيل. ثم أخذت في نطاق التوسع والنمو

بتطور التفريع الفقهي في الفقهيات مثلاً ونموه، وهذا يدل على تقدم

الذهن البشري في محيط الزمن، وأن الشريعة لا تضيق بواردها وقد أكسب

هذا الارتقاء للمواضعات سمة الظهور في جميع العلوم، بل وأفردت

بالتأليف والتدوين.

وما زال العلماء على هذا النحو في المواضعات وهم يرمون من قوس

واحدة في أصالة الاصطلاح وملاقاته للشريعة واللغة. وربما دخل بعد في

اصطلاحهم ألفاظ غير عربية تلقيباً لبعض الواقعات، لأن وقوعها كان في

أقاليم العجم ويظهر هذا في الفقهيات كالسفتجة (١) في كتاب البيوع،


(١) السفتجة: لفظ فارسي، والمراد به إقراض شخص مالاً لآخر ليسلمه المقترض
في بلد آخر إلى إنسان آخر وغرضه أن يأمن خطر الطريق.

<<  <  ج: ص:  >  >>