للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: بدن الإنسان مملوك له أو لا.؟

ويقال: بدن الإنسان مملوك له أم هو أمين ووصي عليه.؟

ويقال: بدن الإنسان حق لله، أو حق للعبد، أو فيه الحقان وأي:

الحقين أغلب.؟

ثم إذا قيل بملكية الآدمي لبدنه، وأحقيته له، فهل هي مثل تملكه

للمال والمتاع، تدخل عليه مطلق التصرفات من بيع، وهبة، وتبرع

وإسقاط، ونحو ذلك مما يدور في محيط المصلحة، وتحقيقها كالشأن في

التصرف في الأموال لا يكون إلا بدائرة المصالح، فلو كان مبذراً سفيهاً،

حُجر عليه، ومُنع من التصرف في ماله، وأُقيم عليه وصي لإدارة شؤونه

على ضوء المصلحة.

وإذا قيل بأنه حق لله تعالى، فهل حق الله سبحانه: هو الاستعباد.

وحق العباد: الاستعمال والاستمتاع، والانتفاع؟ فكما أن له في حال

الجناية عليه: حق الإسقاط وأخذ العوض، والمجازاة في العمد عليه، فله

حق التصرف ابتداء في عضو ونحوه تبرعاً كما أن له بنص الشرع الخوض

في معارك الجهاد الشرعي، وإلقاء نفسه حال المسايفة والمبارزة ومقاتلة

المشرك لينال سلبه.

كل هذا محل تجاذب ونظر، ولم ينفصل عن راقموه بكبير شأن، وإن

كان أظهرها اجتماع الحقين: حق الله، وحق عبده، والأخذ بأحدهما

يختلف باختلاف الأحوال والتصرفات ومعلوم أن ما اجتمع فيه الحقان فإن

إسقاط العبد لحقه مشروط بعدم إسقاط حق الله تعالى، وحق الله تعالى

هو الغاية من خلق الآدميين {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

فليس له حق التصرف في بدنه بما يضر في الغاية من خلقه ولا بما

<<  <  ج: ص:  >  >>