للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حكى: ابن المنذر، والخطابي، وابن القيم، وغيرهم: الإجماع

على أن من اشترى طعاماً فليس له بيعه حتى يقبضه.

وأما بيع ما يشتريه الإنسان قبل قبضه من غير الطعام من مكيل أو

موزون أو عقار وغير ذلك ففيه خلاف على أقوال أربعة. والذي عليه

المحققون هو: أنه لا يجوز بيع شيء من المبيعات قبل قبضه بحال وهو

مذهب ابن عباس ومحمد بن الحسن، وإحدى الروايات عن أحمد، حكى

ذلك ابن القيم واختاره فقال (١) : (وهذا القول هو القول الصحيح الذي

نختاره) اهـ.

ثم حرر ابن القيم رحمه الله تعالى الخلاف في علة المنع من بيع

ما لم يقبض وقال (٢) :

(فالمأخذ الصحيح في هذه المسألة أن النهي معلل بعدم تمام

الاستيلاء وعدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع

عن الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه ... ) اهـ.

ووجه الاستدلال من هذا في مسألتنا هذه: أن النصوص إذا كانت

صريحة صحيحة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النهي عن بيع ما لم يقبض، وأنه على

عمومه، وأن العلة عدم تمام الاستيلاء والاستقرار في ملك المشتري -

فكيف يجوز للمصرف أن يبيع ما لم يملك أصلاً ويصافق ويربح فيه فملكه

تقديري لا حقيقي، واستيلاؤه عليه تقديري لا حقيقي. فالمنع من هذا

يكون من باب الأولى، والله أعلم.


(١) تهذيب السنن ٥ / ١٣٢.
(٢) تهذيب السنن ٥ / ١٣٦ - ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>