وما يليها ثم في ص / ٥٥ حتى ص / ٨٠ عقد عنواناً باسم (منشأ شبهة
القرافي في طبيعة حق المؤلف والرد عليه) . فساق نص القرافي مختصراً
للمقصود منه مع إخلال في الاختصار ص / ٥٥ ثم أخذ يناقشه في نحو من
ثلاثين صفحة.
وقد ذهب بعبارة القرافي إلى غير المراد منها وحملها على ما لا تحتمله
لا من قرب ولا من بعد ولذا ضرب وجوهاً من التعسف في تفسيرها وبيانها.
وفي واقع الأمر أن كلمة القرافي من بدائه العلم، فقد علم سلفاً وخلفا أن
الأفكار (الاجتهادات) لا تملك وليست حقاً لمبتكرها وإلا فما فائدة التفكير
والاجتهاد والزراعة في ذلك والاستماع إليها. وهذا محل اتفاق بين أهل
الملل ففي القوانين الوضعية في الوقت الذي تحمي فيه حق المؤلف على
مؤلفاته تقول (إن حماية حقوق المؤلف لا تمنع أي شخص من استخدام
الأفكار التي وردت في المقالة من أجل ما هدفت إليه) فهي من الأمور
المعنوية المشاعة النفع ولهذا قرنها المؤلف بقوله (وأفعاله الدينية فهو دينه،
لا يرث شيئاً من ذلك لأنه لم يرث مستنده وأصله) أي ليس في أمر مادي
محسوس كتأليف، فالتأليف شيء والفكرة التي يحملها شيء آخر فالأول
يورث والثاني لا يورث، ولهذا فإن القوانين التي تحمي حقوق المؤلفين
تحمي التعبير عن الفكرة في ذات المؤلف أما الفكرة نفسها فلا سبيل إلى
منع الاستفادة منها.
وقد حُكي الاتفاق على أن الحقوق الشخصية الخالصة أي التي ليست
بمال ولا تابعة للمال أنها لا تورث ولا تعتبر تركة للمورث وذلك كالوظيفة
والوكالة والولاية لأن هذه الحقوق تثبت لمعنى في صاحبها والمعاني لا
تورث.