للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّدى الذي لا يؤمر ولا ينهى. ومن أفتى أو حكم بما لم يؤمر به فقد أجاز

لنفسه أن يكون من معاني السدى) . انتهى.

وقال ابن حبان رحمه الله تعالى (١) : (الواجب على كل من ركب فيه

العلم: أن يرعى أوقاته على حفظ السنن رجاء اللحوق بمن دعا لهم النبي

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ الله جل وعلا أمر باتباع سنته وعند التنازع الرجوع إلى ملته حيث

قال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} . ثم نفى الإيمان

عمن لم يحكمه فيما شجر بينهم فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى

يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ

وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ولم يقل حتى يحكموا فلاناً وفلاناً فيما شجر بينهم. ولا

قال: حرجاً مما قال فلانٌ وفلان.

فالحكم بين الله عز وجل وبين خلقه: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقط. فلا يجب

لمن أشعر الإيمان قَلْبَه أن يُقصر في حفظ السنن بما قدر عليه حتى يكون

رجوعه عند التنازع إلى قول من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فجعلنا الله منهم بمنه) . انتهى.

وينتظم ما ذكره هؤلاء الأجلة من العلماء ما بسطه ابن القيم في تفسير

هذه الآية إذ يقول (٢) : وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا

تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} فأمر باتباع المنزل منه خاصة:

واعْلَم أن من اتبع غيره فقد اتبع من دونه أولياء.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي

الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ


(١) كتاب: المجروحين ١ / ٥.
(٢) إعلام الموقعين ١ / ٤٨ - ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>