للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- بدراسة حال التقنين الملزم به في الزمن القريب فإنه لم يثبت على

وتيرة واحدة، بل صار يدخله التغيير والتبديل والمد حيناً والجزر أحياناً حتى

صار الحال إلى ما صار إليه، وهذه فلكة المغزل ومحور المسألة.

٢- العمل به على خلاف الإجماع فقد حكى الشافعي رحمه الله قال:

أجمع الناس على أن من استبانت له سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فليس له أن يدعها

لقول أحد سواه. انتهى.

فمن استبان له صحة حديث قيل بتضعيفه، أو عكسه، أو استنباط

حكم فقهي من كتاب أو سنة، فإنه لا يستطيع الحكم به إذا خالف القول

الملزم به، ففي هذا الإلزام إضعاف لحرمة الإجماع، ووقوع فيما انعقد

عليه المنع (١) ؟

٣- إن في هذا الإلزام إعمالاً لأحد القولين أو أحد الأقوال، وحضراً

لما سواها من الأقوال. والإجماع محكي على المنع من ذلك كما حكاه

الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في كتابه " الفقيه والمتفقه " (٢) . إذاً ففي

هذا خرق لهذا الإجماع.

٤- إذا رأى القاضي أن حكم المسألة مثلاً - وهو كذا كالشفعة رآها

على الفور لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ضرر ولا ضرار "، ثم صار في التقنين

الملزم به: أن الشفعة على التراخي، لأنه لم يثبت حديث يفيد فوريتها،

أو كان بالعكس. والقاضي لم يتبين له بدليل يجب الرجوع إليه ما يثنيه

عن رأيه، ومعلوم أن خلاف الصواب هو الخطأ، والحق في واحد من

الأقوال، فإن عدل عن رأيه لا لمرجع ولكن لأنه ملزم به صار حاكماً بغير


(١) انظر الصواعق المرسلة ١ / ٣٣.
(٢) ١ / ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>