للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أدعي أني أخذت بمجامع هذه النازلة، وأنلت قارئها من مباحثها

الطريفة والتالدة، فإنها واسعة المجال، متعددة الأغراض، مترامية

الأطراف، لكني عنيت الاقتصاد، وتباعدت عن جلب الغدد (١) ، والحديث


(١) من الطريف، ما سطره ياقوت في معجم الأدباء ١٧ / ٤٤ في ترجمة الليث بن
المظفر أنه قال: وأخبرني المنذري أنه سأل ثعلباً عن كتاب العين، فقال: ذاك
كتاب مليء " غُدَد "، قال: وهذا لفظ أبي العباس، وحقه عند النحويين ملآن
غُدَداً، ولكن كان أبو العباس يخاطب العامة على قدر فهمهم.
قلت: ليس هذا بعذر لأبي العباس فإنه لو قال: ملآن غُدداً لم يخف معنى
الكلام على صغار العامة، فكيف وفي مجلسه الأئمة من أهل العلم، ثم سائله
الذي أجابه ليس بتلك الصورة، وإنما عذره أنه كان لا يتكلف الإعراب في
المفاوضة، وهي سنة جِلَّةُ العلماء. وأراد أن في جراب - كذا - العين، حروفاً كثيرة
قد أزيلت عن صورها ومعانيها بالتصحيف والتغيير فهي تضر حافظها كما تضر
الغدد آكلها) . اهـ.
ثم ذكرها ياقوت في ترجمة المنذري محمد بن أبي جعفر المتوفى سنة
٣٢٩ هـ. ١٨ / ٩٩.
وإلى الله الشكوى من تكاثر هذه الغُددِ الظاهرة في صنعة المفاليس بنفخ
الكتب: " حشداً للنقول وصرفاً لكلام السلف عن وجهه المراد منه تبريراً لنحلةٍ
فاسدة وآراء شاذة. وكم في هذا من قطع للسبيل على أهل العلم، وتمجيد
للمبتدعة، وتبرير لكلامهم، وحشر لمقولاتهم في مصاف أهل السنة وهذا شأن
من لم تتناوله العقيدة السلفية الراشدة بتهذيب.
وما أجمل ما قاله ابن القيم رحمه الله تعالى في " مدارج السالكين ": (كلام
المتقدمين قليل كثير البركة، وكلام المتأخرين كثير قليل البركة) اهـ.
وكم رأينا من كتاب من كتب السلف في صفحات معدودات ثم ينشره متعالم
- ليعيش على حسابه - في مئات من الصفحات لا أثر له فيها بإحسان، إذ لو قيل =

<<  <  ج: ص:  >  >>