للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونحوها، وخفْتَ من نقله عنها إلى انتقاله إلى كتب البدع والضلال والسحر، فدعْه وكتبه الأولى. وهذا باب واسع.

وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: "مررت أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي. فأنكرت عليه وقلت له: إنما حرّم الله الخمر لأنها تصدّ عن ذكْر الله وعن الصلاة، وهؤلاء يصدّهم الخمر عن قتْل النفوس وسبْي الذرية، وأخذ الأموال. فدَعْهُم! ".

بهذه الشروط التي يجب أن تتوافر فيمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وبهذا الفهم الدقيق والحسابات المدروسة، وتقديم قضايا الأمر والنهي وما يترتب عليهما من آثار صالحة أو سيئة، يصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مِن أهمّ عوامل إصلاح النفوس وتقويم المجتمعات.

وإنّ ما يعانيه العالَم الإسلامي مِن فتن هوجاء، وعواصف مدمِّرة، واضطرابات دامية، إنما هو بسبب بعض مَن يتصدَّوْن للأمر والنهي بانفعال غير مدروس، والقيام بأعمال طائشة لا تزن الأمور بميزان الفهم الصحيح لقضايا الدعوة وفِقْه الأولويّات، ممّا أثار الفتنة، وأضعف الأمّة، وفرّق الكلمة، فوهنت القوة، وغدا المسلمون لقمة سائغة وفريسةً سهلة انقضّ عليها الأعداء من كلّ حَدَبٍ وصوب، وأصبحت كلأً مستباحاً لشرار الخلْق من الكفرة وفسّاق الآفاق، يسرحون ويمرحون في ديار الإسلام كيفما شاؤوا. وما ذلك إلا بسبب التضارب والتناقض في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واشتراط الشروط التي ذكرناها فيما مضى من حديث.

<<  <   >  >>