وعن هذه الإحاطة الشاملة بالكون والإنسان، يقول الله تعالى:{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}(طه:٦، ٧).
فالله -سبحانه وتعالى- عليم خبير بأحوال العباد، يعلم ما يُحقِّق لهم السعادة وما يجلب لهم الشقاء؛ فجاءت التشريعات من خلال وحي السماء ورسالات الأنبياء، تتوافق وتتلاءم مع فطرة الإنسان التي فطَره الله عليها. فهذه التشريعات توازن بين متطلَّبات الروح والعقل، ورغبات الجسد، وتُراعي مصلحة الفرد في إطار مصلحة الجماعة، وتعمل على تناسق حياة الإنسان مع حركة الكون.
هذا، وإنه ممّا تفرّدت به الدعوة إلى الله، واختصّت به عن غيرها من الرسالات السابقة: أن أحكامها وتشريعاتها فيما يخصّ العقائد والعبادات والمعاملات وحْي من الله تعالى، نزل به جبريل الأمين على رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}(الشعراء:١٩٢ - ١٩٥)، وقال تعالى:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى}(النجم:١ - ٥).