ب- كمال التشريعات وخلوّها من النقائض النقائص؛ فتشريعات الله كاملة سابغة، تُلبِّي حاجات الإنسان السّويّ، ولها صفة الدوام والاستمرار، وتلائم كلّ زمان ومكان، وتناسب كلّ أجناس البشّر، وهم جميعاً أمام شرع الله سواء، ممّا يُحقِّق العدل للإنسانية والأمن والاستقرار في العالَم. قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً}(المائدة:٣).
وكوْن هذه العقائد والتشريعات من قِبل المولى -سبحانه وتعالى-، ومن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنّ هذا يُكسبها القداسة والهيبة والتعظيم، وأوجب للالتزام، وأدعى إلى سرعة الامتثال؛ فهي تشمل البشَر جميعاً، ولا يمتنع عن الإذعان لها أيّ إنسان مهما كانت مكانته. وليس لفرد أو هيئة أو جماعة أن تنال من هذه الأحكام، أو تُعطّلها، أو تحول دون تنفيذها. وإن محاولات إبعاد الإسلام بعقائده وتشريعاته عن مجالات الحياة المختلفة ذنْب لا يُغتفر وكفْر صريح. قال تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة:٤٤)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(المائدة:٤٥)، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(المائدة:٤٧).
فتنوّع الحُكم على من يعمل على تعطيل شرْع الله مِن الكفْر إلى الظّلم إلى الفسق، بحسب موقف المعترِض، ودرجات جحوده وإنكاره وإغفاله؛ بل هناك قَسَمٌ عظيمٌ ونفْي صريح للإيمان عمّن يحول دون ربّانية الدّعوة، ويحول دون تطبيق شرْع الله، أو يجد في نفسه حرجاً أو ضيقاً كلّما انطلقت الدّعوة لتطبيق شرْع الله والتزام أحكامه. قال تعالى:{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}(النساء:٦٥).