ولقد بدا هذا الحفظ الإلهي واضحاً جلياً، لم ينل منه تتابع القرون، ولم تضعفه الأحداث الجسام التي واكبت تاريخ الإسلام. ولم تتغيّر قواعد حجّيّته وقوة أدلّته أمام الحقد الأسود والغلّ الدفين الذي يُضمره له أعداؤه منذ محاولات المشركين في مكة حينما أرادوا صرف الناس عن القرآن بأي صورة. قال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}(فُصِّلَت:٢٦)، إلى الادعاء الكاذب أنه ليس من عند الله، وإنما تلقاه -صلى الله عليه وسلم- من رجُل أعجمي في مكة، قال تعالى مفنِّداً مزاعمَهم:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}(النحل:١٠٣).
ولقد زاد الإمعان والإصرار عبر مراحل التاريخ للنّيْل من مصادر الإسلام، واتّخذ صوراً عِدةً منها:
أ- إنكار أنّ القرآن من عند الله.
ب- التشكيك في القصص التاريخيّ للقرآن الكريم.
ج- وضع الإسرائيليات في كتب التفسير، تشويهاً لمعاني القرآن الكريم.
د- إنكار حجّيّة السُّنّة والنّيْل من رواتها وتجريحهم.
هـ- محاولات التحريف المستمرة من أعداء الإسلام للقرآن الكريم، وذلك بطبع المصحف الشريف وبه تغيير لبعض الكلمات التي تُخِلّ بالمعنى. وآخر هذه المحاولات الخبيثة: ما قامت به الصهيونية العالمية التي تساندها قوى الشر والبغي التي تخشى الإسلام وحضارته، بطبع ما يسمى بـ"الفرقان الحق" بديلاً عن القرآن الكريم، وُضعت فيه سورً وآيات تتّفق وأغراضهم الخبيثة، ألا ساء ما يمكرون. قال تعالى:{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}(آل عمران:٥٤).